سورة ص - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ص)


        


قوله عز وجل: {ص} فيه تسعة تأويلات:
أحدها: أنه فواتح الله تعالى بها القرآن، قاله مجاهد.
الثاني: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.
الثالث: أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به، قاله ابن عباس.
الرابع: أنه حرف هجاء من أسماء الله تعالى، قاله السدي.
الخامس: أنه بمعنى صدق الله، قاله الضحاك.
السادس: أنه من المصادة وهي المعارضة ومعناه عارض القرآن لعلمك، قاله الحسن.
السابع: أنه من المصادة وهي الاتباع ومعناه اتبع القرآن بعلمك، قاله سفيان.
{والقرآن ذي الذكر} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: ذي الشرف، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي.
الثاني: بالبيان، قاله قتادة.
الثالث: بالتذكير، قاله الضحاك.
الرابع: ذكر ما قبله من الكتب، حكاه ابن قتيبة. قال قتادة: ها هنا وقع القسم.
واختلف أهل التأويل في جوابه على قولين:
أحدهما: أن جواب القسم محذوف وحذفه أفخم له لأن النفس تذهب فيه كل مذهب. ومن قال بحذفه اختلفوا فيه على قولين:
أحدهما: أن تقدير المحذوف منه لقد جاء الحق.
الثاني: تقديره ما الأمر كما قالوا.
والقول الثاني: من الأصل أن جواب القسم مظهر، ومن قال بإظهاره اختلفوا فيه على قولين:
أحدهما: قوله تعالى {كم أهلكنا من قبلهم من قرن} قاله الفراء.
الثاني: من قوله تعالى {إن ذلك لحق تخاصم أهل النار} وهو قول مقاتل.
أحدها: يعني في حمية وفراق، قاله قتادة.
الثاني: في تعزز واختلاف، قاله السدي.
الثالث: في أنفة وعداوة.
ويحتمل رابعاً: في امتناع ومباعدة.
{كم أهلكنا مِن قَبْلِهم} يعني قبل كفار هذه الأمة.
{من قرن} فيه قولان:
أحدهما: يعني من أمة، قاله أبو مالك.
الثاني: أن القرن زمان مقدور وفيه سبعة أقاويل:
أحدها: أنه عشرون سنة، قاله الحسن.
الثاني: أربعون سنة، قاله إبراهيم.
الثالث: ستون سنة، رواه أبو عبيدة الناجي.
الرابع: سبعون سنة، قاله قتادة.
الخامس: ثمانون سنة، قاله الكلبي.
السادس: مائة سنة، رواه عبد الله بن بشر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
السابع: عشرون ومائة سنة، قاله زرارة بن أوفى.
قوله عز وجل: {فنادوا ولات حين مناص} يحتمل وجهين:
أحدهما: استغاثوا.
الثاني: دعوا. ولات حين مناص التاء من لات مفصولة من الحاء وهي كذلك في المصحف، ومن وصلها بالحاء فقد أخطأ. وفيها وجهان:
أحدها: أنها بمعنى لا وهو قول أبي عبيدة.
الثاني: أنها بمعنى ليس ولا تعمل إلا في الحين خاصة، قال الشاعر:
تذكر حب ليلى لات حيناً *** وأضحى الشيب قد قطع القرينا

وفي تأويل قوله تعالى {ولات حين مناص} خمسة أوجه:
أحدها: وليس حين ملجأ، قاله زيد بن أسلم.
الثاني: وليس حين مَغاث، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، ومنه قول علي رضي الله عنه في رجز له:
لأصبحنّ العاصي بن العاصي *** سبعين ألفاً عاقِدي النواصي
قد جنبوا الخيل على الدلاصِ *** آساد غيل حين لا مناص
الثالث: وليس حين زوال، وراه أبو قابوس عن ابن عباس، ومنه قول الشاعر:
فهم خشوع لدية لا مناص لهم *** يضمهم مجلس يشفي من الصيد
الرابع: وليس حين فرار، قاله عكرمة والضحاك وقتادة قال الفراء مصدر من ناص ينوص. والنوص بالنون التأخر، والبوص بالباء التقدم وأنشد قول امريء القيس:
أمِن ذكر ليلى إن نأتك تنوص *** فتقصر عنها خطوة وتبوص
فجمع في هذا البيت بين البوص والنوص فهو بالنون التأخر وبالباء التقدم.
الخامس: أن النوص بالنون التقدم، والبوص بالباء التأخر، وهو من الأضداد، وكانوا إذا أحسوا في الحرب بفشل قال بعضهم لبعض: مناص: أي حملة واحدة، فينجو فيها من نجا ويهلك فيها من هلك، حكاه الكلبي: فصار تأويله على هذا الوجه ما قاله السدي أنهم حين عاينوا الموت لم يستطيعوا فراراً من العذاب ولا رجوعاً إلى التوبة.


قوله عز وجل: {أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب} أمرهم أن يقولوا لا إله إلا الله أيسع لحاجَاتنا جميعاً إله واحد إن هذا لشيء عجاب بمعنى عجيب كما يقال رجل طوال وطويل، وكان الخليل يفرق بينهما في المعنى فيقول العجيب هو الذي قد يكون مثله والعجاب هو الذي لا يكون مثله، وكذلك الطويل والطوال.
قوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم} والانطلاق الذهاب بسهولة ومنه طلاقة الوجه وفي الملأ منهم قولان:
أحدهما: أنه عقبة بن معيط، قاله مجاهد.
الثاني: أنه أبو جهل بن هشام أتى أبا طالب في مرضه شاكياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق من عنده حين يئس من كفه، قاله ابن عباس.

{أَنِ امشوا واصبروا على آلهتكم} فيه وجهان:
أحدهما: اتركوه واعبدوا آلهتكم.
الثاني: امضوا على أمركم في المعاندة واصبروا على آلهتكم في العبادة، والعرب تقول: امش على هذا الأمر، أي امض عليه والزمه.

{إن هذا لشيء يراد} فيه وجهان:
أحدهما: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أسلم وقوي به الإسلام شق على قريش فقالوا إن الإسلام عمر فيه قوة للإسلام وشيء يراد، قاله مقاتل.
الثاني: أن خلاف محمد لنا ومفارقته لديننا إنما يريد به الرياسة علينا والتملك لنا.

قوله عز وجل: {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} فيه أربعة أقويل:
أحدها: في النصرانية لأنها كانت آخر الملل، قاله ابن عباس وقتادة والسدي.
الثاني: فيما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله الحكم.
الثالث: في ملة قريش، قاله مجاهد.
الرابع: معناه أننا ما سمعنا أنه يخرج ذلك في زماننا، قاله الحسن.
{إن هذا إلا اختلاق} أي كذب اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله عز وجل: {أم عندهم خزائن رحمة ربك} قال السدي مفاتيح النبوة فيعطونها من شاؤوا ويمنعونها من شاءُوا.

قوله عز وجل: {فليرتقوا في الأسباب} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: في السماء، قاله ابن عباس.
الثاني: في الفضل والدين، قاله السدي.
الثالث: في طرق السماء وأبوابها، قاله مجاهد.
الرابع: معناه فليعلوا في أسباب القوة إن ظنوا أنها مانعة، وهو معنى قول أبي عبيدة.
قوله عز وجل: {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال سعيد بن جبير: هم مشركو مكة و{ما} صلة للتأكيد، تقول: جئتك لأمر ما. قال الأعشى:
فاذهبي ما إليك ادركني الحلم *** عداني عن هيجكم أشغالي
ومعنى قوله جند أي أتباع مقلِّدون ليس فيهم عالم مرشد.
{مهزوم من الأحزاب} يعني مشركي قريش أنه أحزاب إبليس وأتباعه وقيل لأنهم تحازبوا على الجحود لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. قال قتادة: فبشره بهزيمتهم وهو بمكة فكان تأويلها يوم بدر.


قوله عز وجل: {كذبت قبلهم قوم نوح} ذكر الله عز وجل القوم بلفظ التأنيث، واختلف أهل العربية في تأنيثه على قولين:
أحدهما: أنه قد يجوز فيه التأنيث والتذكير.
الثاني: أنه مذكر اللفظ لا يجوز تأنيثه إلا أن يقع المعنى على العشيرة فيغلب في اللفظ حكم المعنى المضمر تنبيهاً عليه كقوله تعالى {كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره} ولم يقل ذكرها لأنه لما كان المضمر فيه مذكوراً ذكره وإن كان اللفظ مقتضياً للتأنيث.
{وعادٌ} وهم قوم هود كانوا بالأحقاف من أرض اليمن، قال ابن اسحاق: كانوا أصحاب أصنام يعبدونها، وكانت ثلاثة يقال لأحدها هدر وللآخر صمور للآخر الهنا، فأمرهم هود أن يوحدوا الله سبحانه ولا يجعلوا معه إِلهاً غيره ويكفوا عن ظلم الناس ولم يأمرهم إلا بذلك.

{وفرعون ذُو الأوتاد} وفي تسميته بذي الأوتاد أربعة أقاويل:
أحدها: أنه كان كثير البنيان، والبنيان يسمى أوتاداً، قاله الضحاك.
الثاني: أنه كانت له ملاعب من أوتاد يلعب عليها، قاله ابن عباس وقتادة.
الثالث: لأنه كان يعذب الناس بالأوتاد، قاله السدي.
والرابع: أنه يريد ثابت الملك شديد القوة كثبوت ما يشج بالأوتاد كما قال الأسود بن يعفر:
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة *** في ظل ملك ثابت الأوتاد
{وثمود} وهم عرب وحكى مقاتل أن عاداً وثمود أبناء عم، وكانت منازل ثمود بالحجر بين الحجاز والشام منها وادي القرى، بعث الله إليهم صالحاً، واختلف في إيمانهم به، فذكر ابن عباس أنهم آمنوا ثم مات فرجعوا بعده عن الإيمان فأحياه الله تعالى وبعثه إليهم وأعلمهم أنه صالح فكذبوه وقالوا قد مات صالح فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فأتاهم الله الناقة، فكفروا وعقروها، فأهلكهم الله.
وقال ابن إسحاق: إن الله بعث صالحاً شاباً فدعاهم حتى صار شيخاً، فقروا الناقة ولم يؤمنوا حتى هلكوا.
{وقوم لوط} لم يؤمنوا حتى أهلكهم الله تعالى. قال مجاهد: وكانوا أربعمائة ألف بيت في كل بيت عشرة. وقال عطاء ما من أحد من الأنبياء إلا يقوم معه يوم القيامة قوم من أمته إلا آل لوط فإنه يقوم القيامة وحده.

{وأصحاب الأيكة} بعث الله إليهم شعيباً. وفي {الأيكة} قولان:
أحدهما: أنها الغيضة، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه الملتف من النبع والسدر قاله أبو عمرو بن العلاء. قال قتادة: بعث شعيب إلى أمتين من الناس إلى أصحاب الإيكة وإلى مدين، وعذبتا بعذابين.

{أولئك الأحزاب} يحتمل وجهين:
أحدهما: أحزاب على الأنبياء بالعداوة.
الثاني: أحزاب الشياطين بالموالاة.
قوله عز وجل: {وما ينظر هؤلاء} يعني كفار هذه الأمة.
{إلا صيحة واحدة} يعني النفخة الأولى.
{ما لها من فواق} قرأ حمزة والكسائي بضم الفاء، والباقون بفتحها، واختلف في الضم والفتح على قولين:
أحدهما: أنه بالفتح من الإفاضة وبالضم فُواق الناقة وهو قدر ما بين الحلبتين تقديراً للمدة.
الثاني: معناهما واحد، وفي تأويله سبعة أقاويل:
أحدها: معناه ما لها من ترداد، قاله ابن عباس.
الثاني: ما لها من حبس، قاله حمزة بن إسماعيل.
الثالث: من رجوع إلى الدنيا، قاله الحسن وقتادة.
الرابع: من رحمة. وروي عن ابن عباس أيضاً.
الخامس: ما لها من راحة، حكاه أبان بن تغلب.
السادس: ما لها من تأخير لسرعتها قال الكلبي، ومنه قول أبي ذؤيب:
إذا ماتت عن الدنيا حياتي *** فيا ليت القيامة عن فواق
السابع: ما لهم بعدها من إقامة، وهو بمعنى قول السدي.

قوله عز وجل: {وقالوا ربنا عَجَّل لنا قِطنا} الآية. فيه خمسة تأويلات:
أحدها: معنى ذلك عجل لنا حظنا من الجنة التي وعدتنا، قاله ابن جبير.
الثاني: عجل لنا نصيبنا من العذاب الذي وعدتنا استهزاء منهم بذلك، قاله ابن عباس.
الثالث: عجل لنا رزقنا، قاله إسماعيل بن أبي خالد.
الرابع: أرنا منازلنا، قاله السدي.
الخامس: عجل لنا في الدنيا كتابنا في الآخرة وهو قوله {فأما من أوتي كتابه بيمينه وأما من أوتي كتابه بشماله} استهزاء منهم بذلك. وأصل القط القطع، ومنه قط القلم وقولهم ما رأيته قط أي قطع الدهر بيني وبينه وأطلق على النصيب. والكتاب والرزق لقطعه من غيره إلا أنه في الكتاب أكثر استعمالاً وأقوى حقيقة، قال أمية بن أبي الصلت:
قوم لهم ساحة العراق وما *** يجبى إليه والقط والقلح
وفيه لمن قال بهذا قولان:
أحدهما أنه ينطلق على كل كتاب يتوثق به.
الثاني: أنه مخص بالكتاب الذي فيه عطية وصلة، قاله ابن بحر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5